أكثر من 11 مليار يورو. ساعتان و
خمسون دقيقة. فكرة تبادر الاذهان منذ عام
1947. هل استطعت معرفة عن ماذا نتحدث؟ ليس بعد؟ هو اطول حفرة في العالم منحوتة في
الجبال. انه نفق قاعدة سان ڤوتار افتتح يوم 1 يونيو 2016 مع أبهة عظيمة بمباركة من
ممثلي أربعة طوائف دينية و من قبل المستشارة الألمانية، الرئيس الفرنسي، رئيس
الحكومة الإيطالية وبالطبع رئيس الاتحاد السويسري.
إنجاز تقني
برزت فكرة مشروع نفق حقا في عام
1962. لكن فكرة شق طريق من خلال جبال الألب ترجع فعليا الى عام 1947 و ذلك من خلال
خطط مهندس النقل إدوارد كارل جرنير. و تم الانتهاء من حفر نفق سان ڤوتار في عام
2011. دام المشروع في النهاية 17 عاما منها 10 سنوات من الحفر.
و نفق سان ڤوتار هو الإنجاز النهائي
في مجال النقل بالسكك الحديدية لأنه أطول نفق في العالم. يصل طوله الى 57 كم، وهو
ما يفوق نفق سيكان (53.9 كلم) الذي يربط جزيرة هونشو بجزيرة هوكايدو في اليابان.
وبطبيعة الحال سان ڤوتار أطول من نفق بحر المانش (50.5 كم، منها 38 كم تحت سطح
البحر). و يجمع سان ڤوتار مستودعين اثنين من السكك الحديدية تحت الارض ونفقا
للخدمة، ليصل طوله الجملي الى 151 كيلومترا.
و تصل التكلفة الجملية للعمل الى ما
مجموعه 11.1 مليار يورو. ويعتبر هذا الأداء الاقتصادي انجازا في حد ذاته بسبب عدم
تجاوز الميزانية الأصلية و ذلك بفضل يقظة الناخبين السويسريين. و سيتكلف ڤوتار أقل
من مشروع نفق ليون-تورينو الذي من المتوقع وفقا لأحدث التقديرات ان تصل كلفته الى
24 مليار يورو.
ثورة في عالم السكك الحديدية
بفضل نفق سان ڤوتار،تقدم سويسرا ما
وعدت به أوروبا.اذ هذا هو في الأخير الطريق الأساسي السريع للألب و هو بمثابة محور
عبور بين الشمال والجنوب يمكّن من ربط روتردام بجنوة. و بذلك تصبح ميلان الإيطالية
في محيط زيوريخ السويسرية اللصيق اذ ان رحلة القطار بين المدينتين سوف تستمر في
المستقبل ساعتين و اثنان وخمسون دقيقة بدلا من أربع ساعات و عشرة دقائق حاليا.
و خط ڤوتار سوف يكون واحدا من ممرات
السكك الحديدية الأوروبية الأكثر أهمية بالنسبة لحركة المسافرين والبضائع. فمن
المتوقع أن يتضمن النفق جدول حركة على مدار الساعة يضم خمسة قطارات للشحن و قطارين
للركاب. في ما يقارب إجماليا 300 قطار يوميا
بسرعة 250 كم في الساعة للركاب و 160 كم في الساعة لنقل البضائع. ومن المتوقع ايضا ان يحصّل خط ڤوتار 15000
راكبا على الاقل يوميا في أفق عام 2020.
تحدي اقتصادي ضخم: أسرع، أقرب و المزيد من حركة التجوال
باعتبار كل هاته الإنجازات التقنية،
فإن نفق ڤوتار سيؤدي في نهاية المطاف إلى الحد من حركة المرور على الطرقات
السويسرية الى مستوى النصف و ذلك بِفَضْل تحويل حركة المرور من وسائل النقل
الثقيلة إلى اتجاه القطار من خلال فرض رسوم تعجيزية على مستوى البوابات.
و سيمثل أيضا تدشين استخدام نفق
ڤوتار ثورة في مجال الشحن اذ سيمكن من التجوال قطارات شحن أثقل وأسرع في ظل غياب التدرجات. مما سيمكن من ترفيع حركة الشحن في 2020 الى أربعة أضعاف الحجم
الحالي لتصل الى 40 مليون طن. بالإضافة إلى ذلك سيتم زيادة الحد الأقصى لطول
القطارات إلى 750 متر وسيكون هناك عدد أقل من القطارات والمزيد من السلع. الاقتصاد
والبيئة يسيران جنبا إلى جنب في هاته المنظومة غير المسبوقة التي يعد بتحقيقها نفق
سان ڤوتار.
و لكي نفهم اكثر التأثير الاقتصادي
لڤوتار فإن فلاحي مقاطعة تيتشينو السويسرية
الايطالية المتخصصة في الفواكه والخضروات قد يستطيعون إيصال منتوجاتهم
الطازجة إلى جنيف في وقت قياسي. مما سيمكن من فتح المجال الى سويسرا الإيطالية و هذا
ما سيكون له تأثير حاسم على تطور التجارة العالمية مع سويسرا التي ستتموقع آنذاك
بشكل مميز في قلب التجارة بأوروبا.
التحدي الدبلوماسي: دور جديد
لسويسرا على رقعة السياسة الأوروبية
نفق ڤوتار سوف يؤدي إطلاقا لتعزيز الدبلوماسية
السويسرية. سويسرا تريد أن تتجاوز الفتور في علاقاتها الأوروبية الناتج عن تصويتها
لمبادرة "ضد الهجرة الجماعية" و تظهر بمظهر الشريك الموثوق به في أوروبا
و ذلك بتحقيقها لإلتزامها المقرر في 1992 في إطار اتفاقات مع المجموعة الاقتصادية
الأوروبية في ذلك الوقت ببناء ممر للنقل عبر سويسرا. و يمثل التحول الناتج عن
تدشين ڤوتار أيضا سلاحا دبلوماسيا هائلا لسويسرا. اذ ان النفق سيكون بمثابة مصدر
للنفوذ الاستراتيجي في يد المفاوضين الهلفات مع نظرائهم من الاتحاد الأوروبي.
"سويسرا تعد شريكا أساسيا في سياسة النقل الأوروبية، و الأوروبيون سيتحدثون
معنا بأدب"، كما يقول إيف نيدڤر، عضو اللجنة الفيدرالية السويسرية للسياسة
الخارجية.
إنجاز تقني لم يُكتمل اقتصاديا
على الرغم من الأداء الفني
والاقتصادي المؤثر لنفق سان ڤوتار فان الأثر الاقتصادي آجلا غير كاف. وفقا لدراسات
مستقبلية فأن نفق ڤوتار الأساسي سوف لا يكون له سوى تأثير هامشي على نسبة تحويل النشاط من الطريق السيارة نحو السكك
الحديدية. اذ إن حجم هاته الأخيرة سيتطور فقط من 62 الى 64،5٪ مقابل انخفاض لاستعمال الطريق لن يتجاوز 3٪ من
إجمال الحركة. وذلك لأن الجاذبية الاقتصادية لڤوتار لدى شركات النقل محدودة جدا في
تقديرها اذ ان ربح الوقت و المسافة إن كان له تأثير حقيقي على الإنتاجية لكنه لا
يمكن من تخفيض فعلي في تكاليف النقل البري.
Commentaires
Enregistrer un commentaire